الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الجمهورية تقتحم عالم مستشفى "الرازي" وتكشف أسرار واعترافات المرضى المقيمين به

نشر في  29 جوان 2016  (11:07)

وأنت تتجول في باحة مستشفى الرازي للأمراض العقلية الكائن بجهة منوبة.. ينتابك شعور غريب يتراوح بين الراحة النفسية التي تستمدها من خلال رؤية الأشجار المتنوعة وفروعها الممتدة وبعض الزهور المغروسة هنا وهناك مع قناعة مبدئية لا يمكن ازاحتها ومفادها ان هذا المستشفى يبقى ملاذا لمن ضاقت بهم السبل وباتوا أسرى لعدة مشاكل نفسية على وجه الخصوص...
 في حديقة مستشفى الرازي الخارجية «السريّة» يصادفك لأوّل وهلة زوار اختلفت أجناسهم وأعمارهم ومظاهرهم وأزياؤهم، يتوافدون إمّا للعلاج أو لزيارة قريب أو حبيب خانته دنياه وأذاقته الحياة خيباتها فأسكنته بين جدران أروقة المستشفى لأسابيع أو شهور أو حتّى سنوات باختلاف الحالة المرضية..
ولعلّ ما يثير الاهتمام هو تبادل بعض المرضى المقيمين  بالمستشفى للتحيات الحارة بينهم وبين الأشخاص المتوافدين دون معرفة ولا غاية مسبقة وبلا هدف، فقط هي الصدفة التي تجمعك بهم لتكون من بين أحد المتمتعين بابتسامة بريئة أحيانا ومشاكسة وتدفعك لتقاسمها معهم ولتبادل الحديث معهم أحيانا ..
أخبار الجمهورية كانت لها جولة خارج وداخل أروقة مستشفى الرازي للطب النفسي وبعض الأقسام التي تؤوي عددا من النزلاء، وقضت وقتا بينهم لتنقل أسئلتهم وحيرتهم وبعض الآلام التي حملوها بين طيّاتهم ..

 كما كان لها لقاء حصري مع رئيس احد الأقسام النفسية الدكتور فتحي الناصف الذي كشف لنا «أسرار وخفايا» هذا المستشفى عبر خوضه في معطيات هامة تخص المرضى المقيمين به وأنواع الأمراض التي يحملونها..وهذا ما تتابعون تفاصيله ضمن الروبورتاج التالي...

ما يجب أن تعرفه عن «الرازي»
 
في بداية حديثه اعتبر رئيس القسم النفسي «A» الدكتور فتحي الناصف أنّ مستشفى الرازي يعتبر المؤسسة الوحيدة في البلاد لمعالجة المرضى النفسيين، التي تحتوي على جانب اجتماعي وعائلي كبير يطغى على العلاقة بين طاقمها والمرضى الذي يعتبرون الرازي عائلتهم الثانية خاصة على اعتبار انتماء 50 بالمائة منهم إلى الطبقة الاجتماعية الضعيفة التي لا تملك أي مورد رزق..
وأكّد محدّثنا أنّ عدد الإيواءات بالمؤسسة يتوزع نحو حوالي 16 ألف إيواء، وحوالي 100 ألف عيادة سنويا..  مشيرا إلى انّ اغلب المرضى الوافدين على الرازي هم بصفة عامة الذين يعانون أصعب الحالات المرضية المستعصية زد على ذلك افتقارهم لأي سند عائلي..

وللمجتمع نصيب..

أمّا بخصوص أهم أنواع الأمراض التي يحملها المرضى المقيمون بالرازي، فكشف الدكتور ناصف انّ أصعبها يتمثل في مرضي «الفصام في الشخصية» و«اضطرابات المزاج»، معتبرا انّ حالة الفصام تمسّ حوالي 1 بالمائة من أفراد المجتمع التونسي أي أنّ ما يعادل 100 ألف شخص على 11 مليون تونسي يعانون من هذه الحالة المرضية..
أمّا بخصوص حالة اضطراب المزاج فأكد ناصف أنّ حوالي 5 بالمائة من أفراد مجتمعنا يعانون من هذه الحالة النفسية المرضية أي حوالي 500 ألف تونسي، وفي تشخيصه لمرض اضطراب المزاج، عرّفه رئيس أحد الأقسام النفسية بالقول انّه حدوث تقلبات عاطفية أو شعورية لدى المريض في فترات متراوحة بين الاستقرار والاضطراب النفسي..
هذا كما أشار الدكتور ناصف إلى انّ الذكور أكثر من الإناث في ما يخص الأشخاص الحاملين لأمراض نفسية من المقيمين بمستشفى الرازي، مرجعا ذلك إلى انّ الرجال تظهر عليهم علامات الاضطرابات النفسية أكثر من النساء زد على ذلك طبيعة النظرة التقليدية القاسية لمجتمعنا بخصوص حاملي هذه الأمراض..
وفي حديثه عن نظرة المجتمع التونسي للمرضى النفسيين، أكّد محدثنا أنّ هذه النظرة تقلّصت حدتها تدريجيا في العشرية الأخيرة ويرجع ذلك إلى سبب الانفتاح خاصة مع التقدم العلمي الذي أعطى نظرة مغايرة عن المضطربين نفسيا.

طرق العلاج..

وفي إجابته عن سؤال يتعلّق بطرق تشخيص الحالة المرضية النفسية وكيفية معالجتها بمستشفى الرازي، أكّد الدكتور فتحي ناصف أنّ أهمها تتم عبر العلاج بالأدوية والعلاج بالدعم النفسي والاشتغال على العمل والتلهية.
 واعتبر أن أفضل طريقة للعلاج تقع داخل الوسط العائلي وذلك للمحافظة على الاندماج، كاشفا أنّ أغلب الحالات التي تجاوزت مدة ايوائهم بالمستشفى 3 أسابيع ترجع أسبابها إمّا إلى عدم وجود محيط عائلي لاحتضان المرضى ومساندتهم أو إلى استفحال الحالة المرضية وتقدّمها..
في المقابل أعرب محدثنا عن أسفه لنقص الحيطة الاجتماعية الكافية، للمرضى الذين تنتهي مدة إقامتهم وعلاجهم بالرازي والتي لها هامش كبير وهام لمساعدتهم على تجاوز أمراضهم..

حقيقة الاعتداء بالعنف على المرضى  

وعن حقيقة ما تردّد حول تعرّض بعض المرضى إلى اعتداءات بالعنف بمستشفى الرازي، أكّد محدثنا أنّ العنف خط أحمر في المستشفى كاشفا عن وجود بعض القضايا الجزائية التي رفعت في حق ممرضين عمدوا إلى الاعتداء الجسدي على المرضى ليتمّ لاحقا إيقافهم عن العمل.
 كما شدّد على أن هذه الحالات تعتبر شاذة ومعزولة وقال انها تحفظ ولا يقاس عليها، حيث انّ العلاقة بين المرضى والأطباء والممرضين هي جدّ طيبة كما ذكر آنفا..
واعتبر محدثنا في المقابل انّ بعض الحالات المرضية المزمنة تمرّ في بعض الأحيان بنوبات انفعال شديدة تضطر الساهرين على سلامتهم إلى القيام بما يعبّر عنه بـ«التقييد الطبي» أو ما يعرف بالفرنسية بـ contention thérapeutique عبر معدات خاصة وقواعد معينة، وذلك خوفا عليهم من القيام بأعمال عنف سواء تجاه أنفسهم أو تجاه الآخرين كما تمّ في بعض الأحيان ..
 وكشف محدّثنا أنّ الأحزمة التي «يكبّل» بها المرضى تكلّف المستشفى مليونين من مليماتنا للحزام الواحد، ويعود ذلك إلى المواصفات الطبية المميزة والخاصة ناهيك عن جلبها من الخارج  نظرا لعدم تصنيعها في تونس.
 وشدّد الدكتور على انّ إدارة المستشفى حريصة على السهر على حسن متابعة علاج المرضى وسلامتهم، من خلال احتوائه على معدات مشهود لها بالكفاءة والنجاعة رغم الثقل الذي تتكبده ميزانية المؤسسة..

هكذا يتم إيواء المرضى المقيمين
 
وفي ما يتعلّق بعدد الأقسام النفسية الموجودة بمستشفى الرازي، أكّد الدكتور ناصف أنّ عددها يتوزع على نحو 14 قسما نفسيا بما فيهم قسم طب الأعصاب وقسم الطب الباطني وقسم الطب النفسي للأطفال إلى جانب 7 أقسام خاصة بالطب النفسي للكهول يتكفّل كل قسم منها بجزء من مرضى ولاية تونس الكبرى وبولاية من ولايات النصف الشمالي للجمهورية التونسية أي انّ إيواء كل مريض نفسي بهذه الأقسام المذكورة يخضع إلى التقسيم الجغرافي الذي يتبعه..
هذا علاوة على الأقسام الأخرى أو الفروع التابعة لمستشفى الرازي في الولايات التونسية والتي تتوزع كالآتي:
- قسم بالمهدية
- قسم بالمنستير
- قسم بسوسة
- قسم بالقيروان
- 3 أقسام بصفاقس
- قسم بقابس..

زهور آدمية مصابة بالاضطرابات النفسية

وعن طبيعة الحالة النفسية المرضية للأطفال المقيمين بقسم الطب النفسي للأطفال، أفاد ضيف أخبار الجمهورية أنّ حالتهم توزع بين مرض الفصام المبكر واضطرابات الاندماج الاجتماعي منذ عمر الولادة إلى عمر الخمس عشرة سنة، مشيرا إلى أنّ هذا القسم لا يؤوي إلاّ الأطفال ذوي الحالات المرضية النفسية المعقّدة للغاية..

«أسرار» قسم الطب النفسي الشرعي وعلاقته بمرتكبي الجرائم

وبخصوص كيفية تشخيص الحالات النفسية للأشخاص الذين أقدموا على ارتكاب جرائم قتل دموية ومقاييس اعتبارهم مرضى نفسيين وإيداعهم مستشفى الرازي عوض السجون التونسية، كشف محدّثنا أنّ مرتكب الجريمة الدموية يتم عرضه قانونيا على اختبار مختص نفساني وعلى ضوء نتيجة ذلك الاختبار يتم الحسم في الإذن بإيداعه في الرازي لتلقي العلاج من عدمه.
كما أشار في ذات السياق إلى أنّه وفي صورة حدوث شك لدى المكلف بمأمورية الاختبار النفسي تجاه حقيقة إصابة الشخص الذي يطبق عليه الاختبار وتمثيله انه مريض نفسي، يأذن بإيوائه بالمستشفى وقتيا وذلك قصد إزاحة اللبس ومعرفة الحقيقة الكاملة والواضحة. واعتبر في ذات السياق الدكتور فتحي الناصف أنّ منتحل صفة المريض النفسي سرعان ما يتم كشفه حتّى ولو استمر في تمثيله لعدّة أيام..

معاملة خاصة لمرتكبي الجرائم الدموية؟

وتابع محدّثنا مداخلته في ذات السياق، قائلا إنّ الأشخاص الذين أقدموا على فعل جرائم وأثبت الاختبار النفسي أنّهم مصابون باضطرابات نفسية تجعلهم غير مسؤولين على أفعالهم يتم إيداعهم قسم الطب النفسي الشرعي، مشيرا إلى انّ المعاملة في هذا القسم تكون في العموم أحسن من باقي الأقسام، ذلك أنّ المقيمين به يتمتعون بعلاج نفسي يطلق عليه «المعالجة بالعمل» أو ما يعبر عنه بالفرنسية L'ergothérapie وذلك من خلال مشاركتهم في ورشات عمل خاصة بأعمال فنية كالرسم والنحت أو الطبخ ومجالات أخرى والتي تصلح لمعاينة وتشخيص ومعالجة حالتهم.
هذا كما أعرب محدّثنا في ذات الإطار عن أسفه لعدم وجود ميزانية كافية لتغطية نفقات تعيين عدّة مختصين بـ«المعالجة بالعمل» في كل قسم، حتّى يتمتع بهذه المعالجة جميع المرضى الذين استقرت حالتهم النفسية تدريجيا..
وحول استفساره عن تعبير بعض المرضى النفسيين عن الندم على قيامهم بالأعمال الإجرامية، كشف محدّثنا أنّ التعبير عن الندم يختلف من مريض إلى آخر وذلك وفقا لتشخيص حالاتهم المرضية النفسية حيث أن بعض الحالات التي تتماثل تدريجيا للعلاج يعبرون أحيانا عن ندمهم بعد أن يصبحوا واعين بالأفعال التي أقدموا عليها..
وكشف محدّثنا أنّ العدالة التونسية تقوم بالحكم على أولئك المرضى بإيوائهم بمستشفى الأمراض النفسية لتشخيص حالتهم ومتابعتها وتلقي العلاج، مشيرا إلى انّ مدة إقامتهم تختلف وتصل إلى أكثر من أربع سنوات بحسب الحالة النفسية المرضية وقابلية تماثلها للشفاء.
كما تطرّق رئيس القسم النفسي «أ»، إلى القول انّ الطبيب الذي يباشر حالة المريض النفسي المرتكب لجريمة والذي يثبت التشخيص النفسي الطبي انه تماثل للعلاج،  يبعث مراسلة إلى القاضي الذي حكم بإيوائه يعلمه فيها بالتطورات التي حدثت ليعيّن القاضي بعد ذلك لجنة مكونة من 3 خبراء نفسيين لفحصه واستبيان تماثله للشفاء.
وأكّد محدّثنا في سياق متصّل أنه وفي حالة تبين سلامة المعني بالأمر، تأذن اللجنة بتركه للمستشفى لكن بشرط التزامه بنظام خاص يتمثل في توافده كل شهر لإجراء كشف نفسي ومتابعة حالته، وإن تخلّف عن موعد زيارته المقررة يقوم طبيبه المباشر بإبلاغ السلطات عن الأمر للقيام بالإجراءات القانونية اللازمة تجاهه.
من ناحية أخرى وحول سؤال بخصوص أسباب تفشي المرض النفسي بين بعض التونسيين ونسب تزايده، أجاب محدّثنا مؤكدا بأن نسب تزايد الحالات المرضية النفسية من سنة إلى أخرى تعتبر عادية ومستقرة..

الأكل والغذاء..

هذا كما أكّد لنا الدكتور فتحي ناصف أن إدارة المستشفى حريصة كل الحرص على متابعة الوجبات الغذائية للمرضى المقيمين وجودتها خاصة وأنهم يحتاجون لوجبات متنوعة نظرا لطبيعة الأدوية التي يتناولونها.
وأشار محدّثنا إلى أنّ الوجبات وأوقاتها تتوزع كالتالي:
- الساعة الثامنة صباحا: فطور الصباح
- الساعة العاشرة صباحا: لمجة
- الساعة منتصف النهار: الوجبة النهارية
- الساعة الخامسة: لمجة
- الساعة السابعة: وجبة العشاء

رســالة مـفتــوحــــة

وفي ختام لقائنا معه لم يشأ الدكتور فتحي الناصف أن نغادره قبل أن يتوجّه برسالة مفادها أنّ مستقبل الطب النفسي هو العمل الجمعياتي الذي يحيط بالمرضى النفسانيين ذلك أن أحسن علاج لهم هو الذي يقع بالتواصل العائلي وذلك للحفاظ على الاندماج الاجتماعي وتقليص عوارض الأدوية الجانبية التي يتناولونها..
وشدّد محدّثنا على أنّ أبرز النواقص التي يعاني منها مستشفى الرازي تتركز في الجانب الاجتماعي والمادي لتحسين الخدمات المقدمة للمرضى النفسانيين، حيث أنّ أغلب المقيمين ينتمون إلى الطبقات الاجتماعية الفقيرة التي لا تملك القدرة على تغطية مصاريف التنقل للعلاج بالمستشفى مرّة في الشهر خاصة لتسلم الأدوية الضرورية وهو ما يضطر بعض المرضى إلى الإقامة أكثر من 6 مرات في العام وما يعني ذلك من مصاريف إضافية تتكبدها ميزانية المستشفى.

لقاء مع بعض نزلاء الرازي...

في سياق آخر كانت لأخبار الجمهورية جولة داخل أروقة عدد من الأقسام النفسية لمعاينتها والاطلاع على بعض الحيثيات الهامة المتعلقة بكيفية قضاء بعض المقيمين أوقاتهم داخل تلك الأقسام وإيجاد بعض الإجابات للأسئلة التي جئنا محمّلين بها..
السيدة رجاء الفاروقي والتي تعمل كمنسقة بالمستشفى ساعدتناـ مشكورة ـ بلطفها ورحابة صدرها التي لمسناها في معاملتها مع كل من يعترضها، ساعدتنا في القيام بهذا التجوال الذي اكتشفنا في بدايته الهدوء الكبير المتسم  به كل من نزلاء قسم النساء وقسم الرجال..
لكن قبل الدخول إلى الأقسام المعنية ما أثار انتباهنا هو أن جميع الأبواب الرئيسية للدخول حديدية ومحكمة الإغلاق، ويعود ذلك إلى الحرص على عدم خروج المرضى المقيمين دون التمتع بإذن يخوّل لهم من ذلك...

قسم النساء والرجال...

هما قسمان شبيهان في البناء والتصميم، ونقطة الاختلاف الوحيدة بينهما هو انّ كل قسم يضمّ جنسا مختلفا عن الآخر فأحدهما خصص للذكور أما الآخر فهو للإناث.. وهما عبارة عن منزلين مصغّرين يجتمع بهما عدد من المقيمون الذين حملوا اضطرابات نفسية مختلفة حتمت عليهم المكوث به إلى حين التماثل للشفاء.
ولعلّ ما لفت انتباهنا في قسم النساء هو إقامة مريضة نفسية أجنبية، حاملة للجنسية الأمريكية، كانت بصدد تلوين بعض الرسوم التي رسمتها بجانب رسالة أخبرتنا أنّها كتبتها لابنها الوحيد.
وعن طبيعة حالتها وأسباب إقامتها، أكّدت لنا السيدة رجاء أنّها حديثة الإقامة بهذا القسم وانّ تشخيص حالتها النفسية أثبت معاناتها منذ فترة من اضطرابات نفسية..
أمّا في ما يخصّ قسم الرجال فقد عرف حركية كبيرة تميّزه عن قسم النساء الذي تميّز بهدوء مقيماته، ما ميّز قسم الرجال أيضا هو أنه يعجّ بشبان لم يتجاوز معظمهم العقد الثاني من عمره ومن بينهم الشاب الذي طالب أن نطلق عليه لقب «الدكتاتور» خلال محادثة خاطفة جمعتنا معه.

«أولاد مفيدة» في البال..

«الدكتاتور» الذي غطّت نقوش «التاتو» ذراعيه، أكّد لنا متابعته للدراما التلفزية التونسية ومن بينها مسلسل أولاد مفيدة في جزئه الثاني، حيث سرد على مسامعنا أطوار الحلقة الأخيرة التي تابعها بكل تفاصيلها دون أن تغيب عنه أيّ حيثيات، مشيرا إلى أن النقوش التي في يديه وعلى كتفه تعود بسبب غرامه بها وتأثره بأحد أبطال المسلسل المذكور..

قبل أن نمضي...

وبانتهاء جولتنا في أروقة مستشفى الرازي التي اكتشفنا من خلالها عالما خاصا شدّتنا إليه متاهات حدائق سريّة سيّجت أسوارها حكايات المئات من المرضى النفسيين الذين اختلفت آهاتهم وتعددت اختلاجاتهم، بانتهاء هذه الجولة ما كان لنا الاّ أن نسترجع هذا القصيد المعبّر :
« ما أعجب الدهر مبكيه كمضحكه
 ومن يفسر في أفعاله السببا
يعطي بيمناه شيئا من مسرته
ويسترد بيسراه الذي وهبا
أراه يسخر منا حين يمنحنا
صفو الحياة شبابا ناضرا وصبا
كمالئ جيبه بالمال يكنزه
 وما درى أن هذا الجيب قد ثقبا..»

تحقيق: منارة تليجاني